محاربة السيدا تبدأ من المؤسسة التعليمية |
جهة سوس ماسة درعة : تعتبر جهة سوس ماسة درعة مستنقع لمرض السيدا هذا ما تؤكده الإحصائيات الرسمية، وضع مخيف ومقلق، أكثر من 400 مصاب أي بنسبة 23.44 في المائة من مجموع المصابين في المغرب، المرتبة الأولى وطنيا، 89 في المائة من المصابين يسكنون بمدن أكادير انزكان تارودانت 35 في المائة منهن نساء، 80 في المائة، تتراوح أعمارهم بين 15 و44 سنة، 99.7 في المائة مغاربة و74 في المائة منهم حضريون. إذا كان هذا الوضع الكارثي هو السمة البارزة في هذه الجهة، فما هي الإجراءات الكفيلة بإنقاد سكان الجهة من المرض الفتاك وما هي المشاريع المحدثة للتحسيس وإشعار المواطنين بالخطر الذي يتربص بأبناء وبنات هذه الجهة ؟؟؟ مشروع الصندوق العالمي لمحاربة السيدا، جواب جدي على الإجراءات العملية التي دخلت حيز التنفيذ مند شهر يناير 2006، المشروع الذي تشرف عليه الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة، الأول من نوعه بالمغرب، وهو ثمرة اتفاقية شراكة بين وزارة الصحة ووزارة التربية الوطنية. وقد عمل الفريق الأكاديمي المشرف على تنفيذ المشروع على بلورة مخطط عملي متكامل وواقعي بتعاون مع المركز الجهوي للأوبئة التابع لوزارة الصحة بأكادير والفريق الوطني المشرف على المشروع من ممثلين عن وزارة الصحة وممثلين عن الصندوق العالمي لمحاربة السيدا fonds mondial le ،ويعمل الفريق حاليا على تقويم برنامج المرحلة الأولى من المشروع والإعداد للمراحل المقبلة. شمل برنامج المرحلة الأولى من هذا المشروع الذي حددت أهدافه العامة في وضع إستراتجية للتواصل داخل المؤسسات التعليمية بالجهة باعتماد التثقيف التربوي عبر النظير كمقاربة حديثة وعصرية تختلف عن المألوف داخل هذه المؤسسات ، وهكذا عمل المسؤولون على المشروع في الأكاديمية بتنسيق مع مكاتب الصحة المدرسية بالنيابات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية التابعة للأكاديمية على إحداث 25 ناديا صحيا بالمؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية بعد دراسة ميدانية تشخيصية تهم الوسط والفئات المستهدفة بالمناطق المتضررة من الوباء حتى يتم اختيار كل مؤسسة حسب ضوابط دقيقة وموضوعية توفر النجاح للحملة التحسيسية والتواصلية وسط الشباب والمراهقين. مباشرة بعد اختيار المؤسسات التعليمية المعنية وتأسيس الأندية الصحية بها، نظمت دورات تكوينية موازية لحوالي 75 أستاذة وأستاذا منشطي هذه الأندية الصحية كما استفاد من نفس الدورات التكوينية 500 تلميذ وتلميذة، وسيشمل التكوين مديرو المؤسسات التعليمية وممثلين عن جمعيات الاباء وأولياء التلاميذ بهذه المؤسسات لتختتم السنة الدراسية والمرحلة الأولى من المشروع بتنظيم منتدى جهوي للأندية الصحية سيشارك فيه حوالي 200 فرد عن هذه الأندية لعرض أنشطتهم الثقافية والفنية التحسيسية في موضوع محاربة السيدا والأمراض المنقولة جنسيا. وقد عرفت المؤسسات التعليمية المعنية تعبئة قل نظيرها كما نظمت بها أنشطة فنية وثقافية متميزة ، شارك فيها التلاميذ أعضاء الأندية الصحية مبتهجين بما تلقوه لأول مرة في حياتهم الدراسية من معلومات حول السيدا والأمراض المنقولة جنسيا وحول التواصل التربوي والتثقيف عبر النظير ، الأنشطة التي تأكد من خلالها أن جهة سوس ماسة درعة بها اليوم 500 مثقف نظير من شباب هم نساء ورجال الغد ، وفي عملية حسابية حسب هذا المشروع في نهاية عام 2007 سيكون عدد المثقفين النظراء بالجهة حوالي 10.000.وسيزداد عددهم عام بعد عام في إطار خطة منهجية تطمح إلى تفعيل الأندية الصحية أفقيا وعموديا . فماهي مقاربة التثقيف بالنظير ؟ يفيد مفهوم "النظير" (le pair) لغويا، المتكافئ في الخصائص والمواصفات مع أفراد مجموعة معينة، وهو "الند" أيضا. ولذلك يقال "فلان نظير فلان أو نده"، أي شبيهه. ومن هذا المنطلق، تكون مقاربة التثقيف بواسطة النظراء فعالية لعدة أسباب موضوعية، من أبرزها : الارتياح الذي يحس به الشباب والمراهقون حين وجودهم، في حصة تثقيفية، مع نظير متساو معهم في كل الجوانب السيكولوجية والاجتماعية والثقافية والعمرية...، كما أن الدراسات النفسية والاجتماعية أكدت أن الشباب في غالبيتهم يحصلون المعارف والمعلومات من نظرائهم بارتياح والحوار المفتوح الذي يتيح لكل فرد فرصة الإدلاء برأيه وإبراز خبراته في الموضوع وتأكيد الذات، وذلك لأن جلسات من هذا النوع تتيح للفرد فرص التعبير عما لديه من أفكار ومواقف و إمكانية نقد كل الأنشطة والتفاعلات داخل الجماعة، بما في ذلك الأنشطة والسلوكيات التي ترتبط بالمثقف النظير نفسه. وذلك لأن مجموعة النظراء جو خصب يذكي وينمي هذا النوع من النقد البناء والتفاعل الاجتماعي البناء الذي يجمع بين الرأي والرأي الآخر والاحتكام إلى المنطق، فيسود التضامن والتآلف واحترام وتقدير الآخر ، وفتح المجال فسيحا لحديث علمي وصريح في كل الموضوعات التي تغلفها التابوهات كالتربية الجنسية والمخدرات والتعفنات المنقولة جنسيا... ويرتكز نجاح مقاربة التثقيف بالنظير على اعتبار مجموعة من المعايير في انتقاء المثقف النظير الذي يقوم بمهمة التثقيف ، كالانتماء لنفس المجموعة الشبابية المراد تثقيفها في مهارة حياتية معينة، محاربة السيدا في حالتنا ، أي أن يكون فردا من المجموعة له نفس مواصفات الأفراد الآخرين وإلا اعتبر فردا غريبا. وأساس أهمية هذا المميز يكمن في كون المثقف النظير يحمل نفس اهتمام أفراد المجموعة حيث يلعب نفس الأدوار ويتكلم نفس اللغة ... إنه بتعبير جامع يعيش واقع مجموعته ويتجانس معها والتوفر على مستوى معرفي معين حتى يستفيد من استيعاب محتويات الدليل ويضطلع بالوظيفة التثقيفية المنوطة به على أحسن وجه، وكدا التمتع بشعبية تجعله مقبولا من طرف نظرائه وتمكنه من زعامتهم وإلا فإن الفشل سيلاحقه في عمله، والتطوعية، ويقصد بها قبول المثقف النظير الاضطلاع بهذه المهمة، اقتناعا منه بأهميتها الاجتماعية كما هو الشأن بالنسبة للأعمال الجمعوية ودون دوافع أخرى، والقابلية لمعرفة الآخر والرغبة في مساعدته والدافعية لتثقيف أفراد المجموعة والوعي بالمسؤولية التثقيفية تجاه النظراء. وتتمثل في إحساس المثقف النظير، بناء على المميزات السابقة، أنه يمارس عملا اجتماعيا بامتياز. ويحدث عند هذا الاقتناع حينما يتبين له أنه بعمله التثقيفي يرعى العلاقات الإنسانية ويسهم في بناء مجتمع سليم ومتماسك، مما يؤدي إلى التوافق الاجتماعي ، والقابلية للتغير في اتجاه تبني سلوكات صحيحة على أن التنشيط وفق مقاربة التثقيف بالنظير يقتضي التمكن من المنهجية التي يجب إتباعها في بناء المهارات الحياتية. وللإشارة فقط ، فالو رشات التي نظمت بالمؤسسات التعليمية التي تحتضن الأندية الصحية بجهة سوس ماسة درعة تمكنت بنجاح من تقريب عمليا مفهوم التثقيف بالنظير للتلاميذ المعنيين كما قدمت لهم عروض شافية وهامة حول كيفية إعداد جذاذة لحصة تنشيطية في مجال تنمية المهارات الحياتية عبر أنشطة المثقف النظير وفي مجال تقنيات تنشيط آليات التواص لضمان تواصل فعال، وقد تمت هذه العملية تحت إشراف 15 مكون ومكونة سبق لهم أن تلقوا تدريبات وتكوينات في هذه المجالات ، هذا الطاقم المؤازر من طرف الأكاديمية والنيابات والمنسقية الجهوية لوزارة الصحة جاب أرجاء جهة سوس ماسة درعة الشاسعة في ظرف قياسي لتقديم الدورات التكوينية داخل كل المؤسسات التعليمية المعنية من خلال 72 يوم ونصف يوم بمعدل يومين ونصف لكل نادي صحي ، في ظروف حسنة حيث تم توفير النقل والإيواء والتغذية لكل المعنيين من منشطين و مكونين ومتعلمين ... وللتذكير كذلك فالصندوق العالمي لمحاربة السيدا والملاريا والسل خصص اعتمادات مالية مهمة لإنجاح هذا المشروع، المجرب حاليا بجهة سوس ماسة درعة لوحدها ضمن كل جهات المملكة، غطت هذه الاعتمادات وستغطي مجالات التكوين وتجهيز الأندية الصحية بما يلزمها من وسائل العمل لمواصلة أنشطتها التحسيسية والتواصلية وسط التلاميذ لمحاربة السيدا والأمراض المنقولة جنسيا. الحسن باكريم من أكادير |
محاربة السيدا تبدأ من المؤسسة التعليمية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة
(
Atom
)
إرسال تعليق