الأيدز بالمغرب إلى أين؟
يحل هذه السنة اليوم العالمي للسيدا (فاتح دجنبر)، في ظروف يشهد فيها المغرب ارتفاع عدد المصابين بداء فقدان المناعة والحاملين للفيروس. ولا يختلف هذا الوضع عن المنحى الذي يعرفه العالم بهذا الخصوص، إذ بلغ الآن عدد الحاملين للفيروس إلى حدود نهاية 2005 ما يفوق 40 مليون شخص، ضمنهم أكثر من 2.3 طفل لا يزيد عمرهم عن 15 سنة، علما أنه تسجل 6000 حالة إصابة يوميا بين الشباب.
وكباقي الدول احتفل المغرب في فاتح دجنبر باليوم العالمي لمحاربة داء فقدان المناعة، وهو يوم أضحى يكتسي رمزية خاصة على الصعيد الكوني، لاسيما وانه انطلق منذ الإقرار به، للتعبير عن التضامن مع المصابين وعائلاتهم وأسر ضحايا هذا المرض الفتاك، وكذلك لتقييم إنجازات كل الفعاليات، هيئات وأشخاص، في هذا المجال، ودق أجراس الخطر بخصوص انتشاره في صمت بعدد البلدان، ومن بينها المغرب، لاسيما في البوادي. علما أن بلدنا في موقع جغرافي يجعله من المناطق الممكن جدا أن ترتفع فيها نسبة المصابين بداء السيدا، وبالتالي وجب المزيد من اليقظة والحذر، وإذا كان وضع السيدا بالمغرب لا زال غير معروف بدقة، لا سيما في العالم القروي، فإن جملة من المؤشرات تدعونا إلى المزيد من الاهتمام بهذا الأمر حتى لا نستيقظ يوما لنجد أنفسنا في مواجهة معضلة أو كارثة، لا قدر الله، بسبب هذا الداء وتوابعه.
حسب الإحصائيات الرسمية، إلى حدود نهاية أكتوبر 2006، وصل عدد حالات الإصابة بالمغرب، 2080 إلى بعد أن كان لا يفوق 1990 حالة خلال شهر مارس 2006، وبذلك تم تسجيل زيادة 90 حالة جديدة، أي بمعدل 13 حالة في كل شهر، علما أن عدد الحاملين للفيروس بالمغرب، حسب المعطيات المتوفرة إلى حد الآن يتجاوز 20 ألف شخص، وهذا يعني أن هناك 10 آلاف مغربي ومغربية يحملون الفيروس، وأغلبهم من النساء، إذ أن نسبتهن ضمن المصابين تفوق 58 في المائة، كما أن حالات الإصابة وحمل للفيروس، تتكاثر في صفوف الفئة العمرية ما بين 30 و 40 سنة (مركز السكان النشطين بالبلاد)، ولا زالت العلاقات الجنسية تمثل أكثر الطرق لانتشار هذا الوباء حاليا.
وإذا كانت النسبة الكبيرة من المصابين والحاملين للفيروس توجد بالحواضر حسب المعطيات المتوفرة إلى حد الآن، فإن هذه الحقيقة تظل نسبية جدا، وذلك اعتبارا للصعوبات الجمة التي لا زالت تقف حجر عثرة في طريق رصد واقع انتشار هذا المرض العضال بالبادية المغربية، الشيء الذي أضحى يمثل خطرا قائما في ظل عدم توفر معطيات دقيقة بفعل العقلية السائدة وغياب التأطير الطبي القروي.
لذلك وجب الاعتراف، بكل شجاعة ونزاهة، أنه لا زلنا بالمغرب نجهل إلى حد كبير وضعية انتشار مرض السيدا بباديتنا، وقد أصبح من الضروري الآن قلب الآية، والاهتمام بهذا الخصوص بالبادية أكثر من الحواضر، نظرا على الأقل لغياب المعطيات الدقيقة الموثوق بها لتقييم وضع انتشار السيدا بعالمنا القروي من عدمه، وهذا أمر وجب إيلائه اهتماما خاصا، لأن مختلف الظروف المواتية مجتمعة، لانتشار الداء بباديتنا أكثر منه بالعالم الحضري، اعتبارا للفوارق الكبيرة بين العالمين على جميع المستويات.
ومن المعلوم، أن بداية التعرف على أولى الإصابات بداء السيدا بالمغرب كانت سنة 1986، عندما كان الحديث عنها من المحرمات والطابوهات الكبرى، آنذاك لم تكن موجودة أي جمعية أو جهة تهتم بهذه المعضلة، إلا أنه بعد سنوات قليلة، ظهرت بعض الجمعيات التي جعلت من مكافحة السيدا مجال اهتمامها الوحيد، منها على سبيل المثال لا الحصر، الجمعية المغربية لمكافحة السيدا وجمعية شباب ضد السيدا، وجمعية النهار لمرض فقدان المناعة وغيرها، بل الآن تأسست شبكة المنظمات المغربية ضدا السيدا، إلا أن أغلب هذه الجمعيات الحالية التي تمكنت من مزاولة نشاطها كما تسطره في برامجها الموسمية، وجل أنشطتها، غالبا ما يطغى عليها الطابع المناسباتي، وهذا حال وسائل الإعلام عموما في تعاطيها مع هذا المرض الفتاك، إلا ان الجديد بهذا الخصوص مغربيا، هو بداية تأسيس جمعيات، تضم بين أعضائها الأساسيين المصابين بالسيدا أو الحاملين للفيروس، قد أظهرت أنهم الأقدر على التعبير والتوعية والتحسيس وتكسير ما تبقى من الطابوهات في هذا المجال، علما أنه بالأمس القريب، كان من شبه المستحيل أن يتحدث مصاب بالسيدا بالمغرب عن نفسه.
لكن من الأمور التي لا زالت تحز في القلب، أن هناك عددا من الأطفال المصابين بداء السيدا بالمغرب، فحسب الإحصائيات الرسمية هناك 110 من الأطفال مصابين بالداء، لكن ما زلنا نجهل عدد الحاملين للفيروس، وأغلبهم حملوه عن طريق الأم المصابة، لكن غالبا ما يتم ذاك عن طريق الأب، كما هو الحال في بلادنا، وحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة إن نسبة الانتشار الوبائي بين الحوامل وصلت إلى 0.03 في المائة، أما نسبة انتقال الوباء بين الولادات الجديدة، قد تصل إلى 25 في المائة، وهذا من شأنه إظهار أن عدد الأطفال المصابين بالمغرب، قد يفوق 500 حالة اغلبهم لا يتعدى سنهم 4 سنوات، ينحدرون في أغلبيتهم الساحقة من الفئات الفقيرة والمهمشة.
من البرامج التي ساهمت في إزاحة الطابو عن الحديث بخصوص داء السيدا "سيدا كسيون" سنة 2005، إذ أصبح الآن الحديث عن هذا الداء متداولا أكثر بين الناس والعائلات، كما انه لم يعد هناك خوف أو حرج من إجراء التحاليل، ومما يؤكد أن مثل هذه الحملات سجلت نتائج إيجابية، لاحظنا تزايد حالات التعرف على الإصابة بالسيدا بالمناطق النائية، البعيدة عن فضاءات نشاط الجمعيات ودوائر تطبيق البرامج التحسيسية والتعبوية التي ما زالت متمركزة بالوسط الحضري وبالمدن الكبرى دون سواها، وعلى سبيل المثال تنامي عدد حالات المصابين بالسيدا بكلميم، التي تحتضن حاليا 4 في المائة من مجموع المصابين بالمغرب. وبالرغم من أن " سيدا أكسيون" حققت نتائج إيجابية، يكاد القائمون على جمعيات مكافحة السيدا بالمغرب، يجمعون على عدم استفادتهم نهائيا من جمع أموال تحت غطاء هذه الحملة التي غطتها القناة الثانية في غضون سنة 2005، والتي مكنت من جمع أكثر من 15 مليون درهم (مليار ونصف من السنتيمات).
وبخصوص الحملات المتعلقة بداء السيدا، فإنها لا تغطي كافة التراب الوطني، إذ لا زالت المناطق النائية والعالم القروي، والأقاليم الصحراوية شبه محرومة منها، وتبرز سلبيات هذا الحرمان، إذا علمنا بالانعكاسات السلبية التي أنتجتها اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا، والتي ستمنع بلادنا من الاستفادة من إمكانية استنساخ الأدوية، ما دامت تقضي (الاتفاقية) بحماية براءة الاختراع لمدة 20 سنة، زائد 5 سنوات متعلقة بالبيانات غير المفصح عنها، وهذه مدة طويلة من شأنها أن تجعل، وبسهولة، أن يصبح الدواء متجاوزا قبل السماح باستنساخه، وبالتالي فلن ينخفض ثمنه، فهل المواطن المغربي يعيش في نفس مستوى المواطن الأمريكي، لذا اعتبر الكثيرون أن هذه القضية بمثابة نكتة القرن، كرسها القائمون على الأمور بقبولهم لفحوى اتفاقية التبادل الحر في هذا المجال الحيوي.
في هذا الإطار، بدأت جملة من الأصوات بدأت تندد بما أسمته بالمتاجرة في السيدا والمصابين بها واستعمالهم للاستفادة من الدعم الدولي أو عبر جمع الأموال استغلالا لقضيتهم.
وعموما يبدو أن أسباب انتشار داء السيدا بالمغرب ليس طبيا بالأساس، فهناك عوامل أخرى أكثر أهمية، ومنها استشراء الأمراض المنقولة جنسيا وغياب المساواة بين الجنسين، الذي من شأنه تسهيل اقتحام السيدا لجسم المرأة دون أن تدري بذلك، إضافة إلى الفقر والأمية وقلة البنيات التحتية للتكفل بمرض السيدا وعلاجهم في مختلف مناطق المغرب.
إلا أنه وجب التوضيح أن تصاعد المصابين بدءا السيدا ببلادنا كل سنة لا يدعوا للخوف أو المفاجأة، لأنه قد لا يكون مرتبطا بتزايد فعلي للمصابين وإنما قد يكون بفعل تنامي الوعي لدى المواطنين بضرورة التشخيص والتغلب على الخوف أو الحرج من الإقدام على هذه الخطوة، لاسيما وأن الوعي المجتمعي بخطورة هذا المرض انعكاساته ارتفع. وقد تزامن ذلك مع انتشار حملات التواصل والتحسيس التي انخرط فيها المجتمع المدني ووزارة الصحة في السنوات الأخيرة.
لكن هناك من يعتقد بأن جهات خارجية تدفع في اتجاه ارتفاع حالات المصابين بالسيدا، ومنها المختبرات الكبرى للأدوية وبعض المخططات الصهيونية، ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى الإقرار بأن داء السيدا أضحى مجالا للاستغلال والمتاجرة والاستفادة من إعانات صندوق الدعم العالمي، ويتساءل هؤلاء حول جدوى حملات التحسيس والتوعية في ظل غياب إستراتيجية واضحة المعالم ومحددة المقاصد، بخصوص التقليص من رقعة انتشار هذا المرض العضال ببلادنا؟
ومهما يكن من أمر يرى جملة من العارفين بالأمور في مجال السيدا وتعامل المغرب معها، أنه إذا ظل الحال على ما هو عليه الآن ولم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية للوقاية والحد من انتشارها، فإن هذا المرض العضال سيكتسح فضاءات أخرى في صمت، وبعد سنوات قليلة سنكون أمام كارثة تجمع كل المواصفات ونتمنى أن يكون أصحاب هذا الرأي خاطئين.
وكباقي الدول احتفل المغرب في فاتح دجنبر باليوم العالمي لمحاربة داء فقدان المناعة، وهو يوم أضحى يكتسي رمزية خاصة على الصعيد الكوني، لاسيما وانه انطلق منذ الإقرار به، للتعبير عن التضامن مع المصابين وعائلاتهم وأسر ضحايا هذا المرض الفتاك، وكذلك لتقييم إنجازات كل الفعاليات، هيئات وأشخاص، في هذا المجال، ودق أجراس الخطر بخصوص انتشاره في صمت بعدد البلدان، ومن بينها المغرب، لاسيما في البوادي. علما أن بلدنا في موقع جغرافي يجعله من المناطق الممكن جدا أن ترتفع فيها نسبة المصابين بداء السيدا، وبالتالي وجب المزيد من اليقظة والحذر، وإذا كان وضع السيدا بالمغرب لا زال غير معروف بدقة، لا سيما في العالم القروي، فإن جملة من المؤشرات تدعونا إلى المزيد من الاهتمام بهذا الأمر حتى لا نستيقظ يوما لنجد أنفسنا في مواجهة معضلة أو كارثة، لا قدر الله، بسبب هذا الداء وتوابعه.
حسب الإحصائيات الرسمية، إلى حدود نهاية أكتوبر 2006، وصل عدد حالات الإصابة بالمغرب، 2080 إلى بعد أن كان لا يفوق 1990 حالة خلال شهر مارس 2006، وبذلك تم تسجيل زيادة 90 حالة جديدة، أي بمعدل 13 حالة في كل شهر، علما أن عدد الحاملين للفيروس بالمغرب، حسب المعطيات المتوفرة إلى حد الآن يتجاوز 20 ألف شخص، وهذا يعني أن هناك 10 آلاف مغربي ومغربية يحملون الفيروس، وأغلبهم من النساء، إذ أن نسبتهن ضمن المصابين تفوق 58 في المائة، كما أن حالات الإصابة وحمل للفيروس، تتكاثر في صفوف الفئة العمرية ما بين 30 و 40 سنة (مركز السكان النشطين بالبلاد)، ولا زالت العلاقات الجنسية تمثل أكثر الطرق لانتشار هذا الوباء حاليا.
وإذا كانت النسبة الكبيرة من المصابين والحاملين للفيروس توجد بالحواضر حسب المعطيات المتوفرة إلى حد الآن، فإن هذه الحقيقة تظل نسبية جدا، وذلك اعتبارا للصعوبات الجمة التي لا زالت تقف حجر عثرة في طريق رصد واقع انتشار هذا المرض العضال بالبادية المغربية، الشيء الذي أضحى يمثل خطرا قائما في ظل عدم توفر معطيات دقيقة بفعل العقلية السائدة وغياب التأطير الطبي القروي.
لذلك وجب الاعتراف، بكل شجاعة ونزاهة، أنه لا زلنا بالمغرب نجهل إلى حد كبير وضعية انتشار مرض السيدا بباديتنا، وقد أصبح من الضروري الآن قلب الآية، والاهتمام بهذا الخصوص بالبادية أكثر من الحواضر، نظرا على الأقل لغياب المعطيات الدقيقة الموثوق بها لتقييم وضع انتشار السيدا بعالمنا القروي من عدمه، وهذا أمر وجب إيلائه اهتماما خاصا، لأن مختلف الظروف المواتية مجتمعة، لانتشار الداء بباديتنا أكثر منه بالعالم الحضري، اعتبارا للفوارق الكبيرة بين العالمين على جميع المستويات.
ومن المعلوم، أن بداية التعرف على أولى الإصابات بداء السيدا بالمغرب كانت سنة 1986، عندما كان الحديث عنها من المحرمات والطابوهات الكبرى، آنذاك لم تكن موجودة أي جمعية أو جهة تهتم بهذه المعضلة، إلا أنه بعد سنوات قليلة، ظهرت بعض الجمعيات التي جعلت من مكافحة السيدا مجال اهتمامها الوحيد، منها على سبيل المثال لا الحصر، الجمعية المغربية لمكافحة السيدا وجمعية شباب ضد السيدا، وجمعية النهار لمرض فقدان المناعة وغيرها، بل الآن تأسست شبكة المنظمات المغربية ضدا السيدا، إلا أن أغلب هذه الجمعيات الحالية التي تمكنت من مزاولة نشاطها كما تسطره في برامجها الموسمية، وجل أنشطتها، غالبا ما يطغى عليها الطابع المناسباتي، وهذا حال وسائل الإعلام عموما في تعاطيها مع هذا المرض الفتاك، إلا ان الجديد بهذا الخصوص مغربيا، هو بداية تأسيس جمعيات، تضم بين أعضائها الأساسيين المصابين بالسيدا أو الحاملين للفيروس، قد أظهرت أنهم الأقدر على التعبير والتوعية والتحسيس وتكسير ما تبقى من الطابوهات في هذا المجال، علما أنه بالأمس القريب، كان من شبه المستحيل أن يتحدث مصاب بالسيدا بالمغرب عن نفسه.
لكن من الأمور التي لا زالت تحز في القلب، أن هناك عددا من الأطفال المصابين بداء السيدا بالمغرب، فحسب الإحصائيات الرسمية هناك 110 من الأطفال مصابين بالداء، لكن ما زلنا نجهل عدد الحاملين للفيروس، وأغلبهم حملوه عن طريق الأم المصابة، لكن غالبا ما يتم ذاك عن طريق الأب، كما هو الحال في بلادنا، وحسب آخر إحصائيات وزارة الصحة إن نسبة الانتشار الوبائي بين الحوامل وصلت إلى 0.03 في المائة، أما نسبة انتقال الوباء بين الولادات الجديدة، قد تصل إلى 25 في المائة، وهذا من شأنه إظهار أن عدد الأطفال المصابين بالمغرب، قد يفوق 500 حالة اغلبهم لا يتعدى سنهم 4 سنوات، ينحدرون في أغلبيتهم الساحقة من الفئات الفقيرة والمهمشة.
من البرامج التي ساهمت في إزاحة الطابو عن الحديث بخصوص داء السيدا "سيدا كسيون" سنة 2005، إذ أصبح الآن الحديث عن هذا الداء متداولا أكثر بين الناس والعائلات، كما انه لم يعد هناك خوف أو حرج من إجراء التحاليل، ومما يؤكد أن مثل هذه الحملات سجلت نتائج إيجابية، لاحظنا تزايد حالات التعرف على الإصابة بالسيدا بالمناطق النائية، البعيدة عن فضاءات نشاط الجمعيات ودوائر تطبيق البرامج التحسيسية والتعبوية التي ما زالت متمركزة بالوسط الحضري وبالمدن الكبرى دون سواها، وعلى سبيل المثال تنامي عدد حالات المصابين بالسيدا بكلميم، التي تحتضن حاليا 4 في المائة من مجموع المصابين بالمغرب. وبالرغم من أن " سيدا أكسيون" حققت نتائج إيجابية، يكاد القائمون على جمعيات مكافحة السيدا بالمغرب، يجمعون على عدم استفادتهم نهائيا من جمع أموال تحت غطاء هذه الحملة التي غطتها القناة الثانية في غضون سنة 2005، والتي مكنت من جمع أكثر من 15 مليون درهم (مليار ونصف من السنتيمات).
وبخصوص الحملات المتعلقة بداء السيدا، فإنها لا تغطي كافة التراب الوطني، إذ لا زالت المناطق النائية والعالم القروي، والأقاليم الصحراوية شبه محرومة منها، وتبرز سلبيات هذا الحرمان، إذا علمنا بالانعكاسات السلبية التي أنتجتها اتفاقية التبادل الحر بين المغرب وأمريكا، والتي ستمنع بلادنا من الاستفادة من إمكانية استنساخ الأدوية، ما دامت تقضي (الاتفاقية) بحماية براءة الاختراع لمدة 20 سنة، زائد 5 سنوات متعلقة بالبيانات غير المفصح عنها، وهذه مدة طويلة من شأنها أن تجعل، وبسهولة، أن يصبح الدواء متجاوزا قبل السماح باستنساخه، وبالتالي فلن ينخفض ثمنه، فهل المواطن المغربي يعيش في نفس مستوى المواطن الأمريكي، لذا اعتبر الكثيرون أن هذه القضية بمثابة نكتة القرن، كرسها القائمون على الأمور بقبولهم لفحوى اتفاقية التبادل الحر في هذا المجال الحيوي.
في هذا الإطار، بدأت جملة من الأصوات بدأت تندد بما أسمته بالمتاجرة في السيدا والمصابين بها واستعمالهم للاستفادة من الدعم الدولي أو عبر جمع الأموال استغلالا لقضيتهم.
وعموما يبدو أن أسباب انتشار داء السيدا بالمغرب ليس طبيا بالأساس، فهناك عوامل أخرى أكثر أهمية، ومنها استشراء الأمراض المنقولة جنسيا وغياب المساواة بين الجنسين، الذي من شأنه تسهيل اقتحام السيدا لجسم المرأة دون أن تدري بذلك، إضافة إلى الفقر والأمية وقلة البنيات التحتية للتكفل بمرض السيدا وعلاجهم في مختلف مناطق المغرب.
إلا أنه وجب التوضيح أن تصاعد المصابين بدءا السيدا ببلادنا كل سنة لا يدعوا للخوف أو المفاجأة، لأنه قد لا يكون مرتبطا بتزايد فعلي للمصابين وإنما قد يكون بفعل تنامي الوعي لدى المواطنين بضرورة التشخيص والتغلب على الخوف أو الحرج من الإقدام على هذه الخطوة، لاسيما وأن الوعي المجتمعي بخطورة هذا المرض انعكاساته ارتفع. وقد تزامن ذلك مع انتشار حملات التواصل والتحسيس التي انخرط فيها المجتمع المدني ووزارة الصحة في السنوات الأخيرة.
لكن هناك من يعتقد بأن جهات خارجية تدفع في اتجاه ارتفاع حالات المصابين بالسيدا، ومنها المختبرات الكبرى للأدوية وبعض المخططات الصهيونية، ويذهب أصحاب هذا الرأي إلى الإقرار بأن داء السيدا أضحى مجالا للاستغلال والمتاجرة والاستفادة من إعانات صندوق الدعم العالمي، ويتساءل هؤلاء حول جدوى حملات التحسيس والتوعية في ظل غياب إستراتيجية واضحة المعالم ومحددة المقاصد، بخصوص التقليص من رقعة انتشار هذا المرض العضال ببلادنا؟
ومهما يكن من أمر يرى جملة من العارفين بالأمور في مجال السيدا وتعامل المغرب معها، أنه إذا ظل الحال على ما هو عليه الآن ولم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة وفورية للوقاية والحد من انتشارها، فإن هذا المرض العضال سيكتسح فضاءات أخرى في صمت، وبعد سنوات قليلة سنكون أمام كارثة تجمع كل المواصفات ونتمنى أن يكون أصحاب هذا الرأي خاطئين.
إرسال تعليق