رسالة قيام رمضان فضله وكيفية أدائه ومشروعية الجماعة فيه
الشيخ محمد ناصر الدين الألباني
قيام رمضان
* فضل قيام ليالي رمضان :
1- قد جاء فيه حديثان :
الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُرَغبُ في قيام رمضان ، من غير أن يأمرهم بعزيمة ، ثم يقول :
p من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه i .
فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك ( 6 )، ثم كان الأمر على ذلك في خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وصَدْرٍ من خلافة عمر رضي الله عنه " ( 7 ).
والآخر : حديث عمر بن عمرو بن مرة الجهني قال :
جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من قضاعة فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن شهدتُ أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله ، وصليتُ الصلوات الخمس ، وصمت الشهر ، وقمت رمضان ، وآتيتُ الزكاة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء) ( 8 ) .
* ليلة القدر وتحديدها :
2- وأفضل لياليه ليلةُ القَدْرِ ، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من قام ليلة القدر ( ثم وُفقَتْ له ) ، إيماناً واحتساباً ، غُـفِـرَ له ما تقدم من ذنبه) ( 9 ) .
3- وهي ليلة سابع وعشرين من رمضان على الأرجح ، وعليه أكثر الأحاديث منها حديث زِر بن حُبَيش قال : سمعت أٌبيَّ ابن كعب يقول ـ وقيل له : إن عبد الله بن مسعود يقول : من قام السنة أصاب ليلة القدر ! ـ فقال أٌبَيٌّ رضي الله عنه : رحمه الله ، أراد أن لا يتكل الناس ، والذي لا إله إلا هو ، إنها لفي رمضان - يحلف ما يستثني - ووالله إني لأعلمُ أيَّ ليلةٍ هي ؟ هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها هي ليلة صبيحة سبع وعشرين، وأمارتُها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.
* مشروعية الجماعة في القيام :
4- وتشرع الجماعة في قيام رمضان ، بل هي أفضل من الانفراد ، لإقامة النبي صلى الله عليه وسلم لها بنفسه ، وبيانه لفضلها بقوله ، كما في حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : ( صمنا مع رسول الله رمضان ، فلم يقم بنا شيئاً من الشهر ، حتى بقي سَبْعٌ فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل ، فلما كانت السادسة لم يقم بنا ، فلما كانت الخامسة قام بنا حتى ذهب شَطْرُ الليل ، فقلت : يا رسول الله! لو نَـفَّـلتنا قيام هذه الليلة ، فقال: ( إن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيام ليلة i .
فلما كانت الرابعة لم يقم ، فلما كانت الثالثة ( 11 ) جمع أهله ونساءه والناس ، فقام بنا حتى خشينا أن يفوتنا الفَلاح . قال : قلت : ما الفلاح ؟ قال : السحور ، ثم لم يقم بنا بقية الشهر ) ( 12 ).
* السبب في عدم استمرار النبي صلى الله عليه وسلم بالجماعة فيه :
5- وإنما لم يقم بهم عليه الصلاة والسلام بقية الشهر خشية أن تفرض عليهم صلاة الليل في رمضان ، فيعجزوا عنها كما جاء في حديث عائشة في "الصحيحين" وغيرهما ( 13 ) وقد زالت هذه الخشية بوفاته صلى الله عليه وسلم بعد أن أكمل الله الشريعة ، وبذلك زال المعلول ، وهو ترك الجماعة في قيام رمضان ، وبقي الحكم السابق وهو مشروعية الجماعة ولذلك أحياها عمر رضي الله عنه كما في"صحيح البخاري"وغيره( 14 )
* مشروعية الجماعة للنساء :
6- ويشرع للنساء حضورها كما في حديث أبي ذر السابق ، بل يجوز أن يُجْعَـلَ لهن إمام خاص بهن ، غير إمام الرجال ، فقد ثبت أن عمر رضي الله عنه لما جمع الناس على القيام ، جعل على الرجال أُبَيَّ بن كعب ، وعلى النساء سليمان بن أبي حثمة ، فعن عرفجة الثقفي قال :
( كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يأمر الناس بقيام شهر رمضان ويجعل للرجال إماماً وللنساء
إماماً ، قال : فكنت أنا إمام النساء ) ( 15 ) .
قلت : وهذا محله عندي إذا كان المسجد واسعاً ، لئلا يشوش أحدهما على الآخر .
* عدد ركعات القيام :
7- وركعاتها إحدى عشرة ركعة ، ونختار أن لا يزيد عليها اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يزد عليها حتى فارق الدنيا ، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن صلاته صلى الله عليه وسلم في رمضان ؟ فقالت :
p ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة ، يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي أربعاً فلا تسل عن حسنهن وطولهن ، ثم يصلي ثلاثاًi ( 16 ) .
8- وله أن ينقص منها ، حتى لو اقتصر على ركعة الوتر فقط ، بدليل فعله صلى الله عليه وسلم وقوله :
أما الفعل ، فقد سئلت عائشة رضي الله عنها : بكم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر ؟ قالت :
) كان يوتر بأربع ( 17 ) وثلاثٍ ، وست وثلاثٍ ، وعشر وثلاثٍ ، ولم يكن يوتر بأنقص من سبعٍ ،
وأما قوله صلى الله عليه وسلم فهو :( الوتر حق ، فمن شاء فليوتر بخمس ، ومن شاء فليوتر بثلاث ، ومن شاء فليوتر لواحدة ) ( 19 ) .
* القراءة في القيام :
9- وأما القراءة في صلاة الليل في قيام رمضان أو غيره ، فلم يَحُدَّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم حداً لا يتعداه بزيادة
أو نقص ، بل كانت قراءته صلى الله عليه وسلم فيها تختلف قصراً وطولاً ، فكان تارة يقرأ في كل ركعة قدر ] يا أيها المزمل [ ، وهي عشرون آية ، وتارة قدر خمسين آية ، وكان يقول: ( من صلى في ليلة بمئة آية لم يُكْتَبْ من الغافلين ) .
وفي حديث آخر :
( ... بمئتي آية فإنه يكتب من القانتين المخلصين ) .
وقرأ صلى الله عليه وسلم في ليلة وهو مريض السبع الطوال ، وهي سورة ( البقرة ) ، و ( آل عمران ) ، و ( النساء ) ، و ( المائدة ) ، و ( الأنعام ) ، و ( الأعراف ) ، و ( التوبة ) .
وفي قصة صلاة حذيفة بن اليمان وراء النبي عليه الصلاة والسلام أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في ركعة واحدة ( البقرة ) ثم ( النساء ) ثم ( آل عمران ) ، وكان يقرؤها مترسلاً متمهلاً ( 20 ) .
وثبت بأصح إسناد أن عمر رضي الله عنه لما أمر أُبّيَّ بن كعب أن يصلي للناس بإحدى عشرة ركعة في رمضان ، كان أُبيٌّ رضي الله عنه يقرأ بالمئين ، حتى كان الذي خلفه يعتمدون على العِصِي من طول القيام ، وما كانوا ينصرفون إلا في أوائل الفجر ( 21 ) .
وصح عن عمر أيضاً أنه دعا القـُرَّاءَ في رمضان ، فأمر أسرعهم قراءة أن يقرأ ثلاثين آية ، والوسط خمساً وعشرين آية ، والبطيء عشرين آية ( 22 ).
وعلى ذلك فإن صلى القائم لنفسه فليطول ما شاء ، وكذلك إذا كان معه من يوافقه ، وكلما أطال فهو
أفضل ، إلا أنه لا يبالغ في الإطالة حتى يُحيي الليل كله إلا نادراً ، اتباعاً للنبي صلى الله عليه وسلم القائل :( وخير
وأما إذا صلى إماماً ، فعليه أن يطيل بما لا يشق على من وراءه لقوله صلى الله عليه وسلم :) إذا قام أحدكم للناس فليخفف الصلاة ، فإن فيهم ( الصغير ) والكبير وفيهم الضعيف ، و ( المريض ) ، ( وذا الحاجة ) ، وإذا قام وحده فليطل صلاته ما شاء( ( 24 ) .
* وقت القيام :
10- ووقت صلاة الليل من بعد صلاة العشاء إلى الفجر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : )إن الله زادكم صلاة ، وهي الوتر ( 25 ) ، فصلوها بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر( ( 26 ) .
11- والصلاة في آخر الليل أفضل لمن تيسر له ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ) من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل( ( 27 ).
12- وإذا دار الأمر بين الصلاة أول الليل مع الجماعة ، وبين الصلاة آخر الليل منفرداً ، فالصلاة مع الجماعة أفضل ، لأنه يحسب له قيام ليلة تامة كما تقدم في الفقرة ( 4 ) مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
وعلى ذلك جرى عمل الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه ، فقال عبد الرحمن بن عبد القاري :
( خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد ، فإذا الناس أوزاع متفرقون ، يصلي الرجل لنفسه ، ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط ، فقال : والله إني لأرى لو جمعت هؤلاء على قارىء واحد لكان أمثل ، ثم عزم ، فجمعهم على أُبَيَّ بن كعب ، قال : ثم خرجت معه ليلة أخرى ، والناس يصلون بصلاة قارئهم ، فقال عمر : نعمت البدعة هذه ، والتي ينامون عنها أفضل من التي يقومون - يريد آخر الليل - وكان الناس يقومون أوله ) ( 28 ).
وقال زيد بن وهب : ( كان عبد الله يصلي بنا شهر رمضان ، فينصرف بليل ) ( 29 ) .
* الكيفيات التي تصلى بها صلاة الليل :
13- كنت فصلت القول في ذلك في "صلاة التراويح" (ص101-115) فأرى أن أٌلَخّص ذلك هنا تيسيراً على القارئ وتذكيراً :
الكيفية الأولى : ثلاث عشرة ركعة ، يفتتحها بركعتين ، خفيفتين ، وهما على الأرجح سنة العشاء البعدية ، أو ركعتان مخصوصتان يفتتح بهما صلاة الليل كما تقدم ، ثم يصلي ركعتين طويلتين جداً ،
ثم يصلي ركعتين دونهما ، ثم يصلي ركعتين دون اللتين قبلهما ، ثم يصلي ركعتين دونهما ، ثم يصلي ركعتين دونهما ، ثم يوتر بركعة .
الثانية : يصلي ثلاث عشرة ركعة ، منها ثمانية يُسلم بين كل ركعتين ، ثم يوتر بخمس لا يجلس ولا يسلم
إلا في الخامسة .
الثالثة : إحدى عشرة ركعة ، يسلم بين كل ركعتين ، ويوتر بواحدة .
الرابعة : إحدى عشرة ركعة ، يصلي منها أربعاً بتسليمة واحدة ، ثم أربعاً كذلك ، ثم ثلاثاً .
وهل كان يجلس بين كل ركعتين من الأربع والثلاث ؟ لم نجد جواباً شافياً في ذلك ، لكن الجلوس في الثلاث لا يشرع !
الخامسة : يصلي إحدى عشرة ركعة ، منها ثماني ركعات لا يقعد فيها إلا في الثامنة ، يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يقوم ولا يسلم، ثم يوتر بركعة ، ثم يسلم ، فهذه تسع ، ثم يصلي ركعتين، وهو جالس.
السادسة : يصلي تسع ركعات منها ست لا يقعد إلا في السادسة منها ، ثم يتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ... إلخ ما ذُكر في الكيفية السابقة .
هذه هي الكيفيات التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم نصاً عنه ، ويمكن أن يزاد عليها أنواعاً أخرى ، وذلك بأن ينقص من كل نوع منها ما شاء من الركعات حتى يقتصر على ركعة واحدةٍ عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم المتقدم :
فهذه الخمس والثلاث ، إن شاء صلاها بقعود واحد ، وتسليمة واحدة كما في الصفة الثانية ، وإن شاء سلم من كل ركعتين كما في الصفة الثالثة وغيرها ، وهو الأفضل ( 31 ).
وأما صلاة الخمس والثلاث بقعود بين كل ركعتين بدون تسليم فلم نجده ثابتاً عنه صلى الله عليه وسلم ، والأصل الجواز ، لكن لما كان النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الإيتار بثلاث، وعلل ذلك بقوله: ) ولا تشبهوا بصلاة المغرب( ( 32 )؛ فحينئذ لا بد لمن صلى الوتر ثلاثاً من الخروج عن هذه المشابهة ، وذلك يكون بوجهين :
أحدهما : التسليم بين الشفع والوتر ، وهو الأقوى والأفضل .
والآخر : أن لا يقعد بين الشفع والوتر ، والله تعالى أعلم .
* القراءة في ثلاث الوتر :
14- ومن السنة أن يقرأ في الركعة الأولى من ثلاث الوتر : ]سبح اسم ربك الأعلى[ ، وفي الثانية :
]قل يا أيها الكافرون[، وفي الثالثة: ]قل هو الله أحد[ ويضيف إليها أحياناً: ]قل أعوذ برب الفلق[ و : ]قل أعوذ برب الناس[.
* دعاء القتوت وموضعه :
15- وبعد الفراغ من القراءة وقبل الركوع ، يقنت أحياناً بالدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سِبْطَهُ الحسن بن علي رضي الله عنهما وهو :
" اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذلّ من واليتَ ، ولا يعزّ من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت، لا منجا منك إلا إليك" ( 34 )، يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً، لما يأتي بعده ( 35 ).
16- ولا بأس من جعل القنوت بعد الركوع ، ومن الزيادة عليه بلعن الكفرة ، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء للمسلمين في النصف الثاني من رمضان ، لثبوت ذلك عن الأئمة في عهد عمر رضي الله عنه ، فقد جاء في آخر حديث عبد الرحمن بن عبد القارى المتقدم ( ص 26 ـ 27 ) :
( وكانوا يلعنون الكفرة في النصف : اللهم قاتل الكفرة الذين يصدون عن سبيلك ، ويكذبون رسلك ،
ولا يؤمنون بوعدك ، وخالف بين كلمتهم ، وألق في قلوبهم الرعب ، وألق عليهم رجزك وعذابك ، إله الحق ) ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويدعو للمسلمين بما استطاع من خير ، ثم يستغفر للمؤمنين .
قال : وكان يقول إذا فرغ من لعنه الكفرة وصلاته على النبي واستغفاره للمؤمنين والمؤمنين ومسألته :
( اللهم إياك نعبد ، ولك نصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحفد ( 36 ) ، ونرجو رحمتك ربنا ، ونخاف عذابك الجد ، إن عذابك لمن عاديت مُـلْحَقٌ ) ثم يكبر ويهوي ساجداً ( 37 ).
* ما يقول في آخر الوتر :
17- ومن السنة أن يقول في آخر وتره (قبل السلام أو بعده) : ) اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك ، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناءً عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك( ( 38 ).
18- وإذا سلم من الوتر ، قال : سبحان الملك القدوس ، سبحان الملك القدوس ، سبحان الملك القدوس ، ( ثلاثاً ) ويمد بها صوته ، وبرفع الثالثة ( 39 ) .
* الركعتان بعده :
19- وله أن يصلي ركعتين ، لثبوتهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فعلاً ( 40 ) بل إنه أمر بهما أمته فقال : ) إن هذا السفر جهد وثقل ، فإذا أوتر أحدكم ، فليركع ركعتين ، فإن استيقظ وإلا كانتا له ( ( 41 ) .
الاعتكاف
* مشروعيته :
1- والاعتكاف سنة في رمضان وغيره من أيام السنة ، والأصل في ذلك قوله تعالى : ]وأنتم عاكفون في المساجد[ ، مع توارد الأحاديث الصحيحة في اعتكافه صلى الله عليه وسلم ، وتواتر الآثار عن السلف بذلك ، وهي مذكورة في "المصنف" لابن أبي شيبة وعبد الرزاق ( 43 ).
وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف آخر العشر من شوال ( 44 ) ، وأن عمر قال للنبي صلى الله عليه وسلم : كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ؟ قال :( فأوف بنذرك) ، ( فاعتكف ليلةً ) ( 45 ) .
2- وآكَدُه في رمضان لحديث أبي هريرة : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ، فلما كان العام الذي قُبِضَ فيه اعتكف عشرين يوماً ) ( 46 ) .
3- وأفضله آخر رمضان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ( 47 ).
* شروطه :
1- ولا يشرع إلا في المساجد لقوله تعالى : ]ولا تباشروهن ( 48 ) وأنتم عاكفون في المساجد[ ( 49 )، وقالت السيدة عائشة :
( السنة في المعتكف أن لا يخرج إلا لحاجته التي لا بد له منها ، ولا يعود مريضاً ، ولا يمس أمراته ،
ولا يباشرها ، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ، والسنة فيمن اعتكف أن يصوم ) ( 50 ) .
2- وينبغي أن يكون مسجداً جامعاً لكي لا يضطر للخروج منه لصلاة الجمعة ، فإن الخروج لها واجب عليه ، لقول عائشة في رواية عنها في حديثها : (...ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع ) ( 51 ).
ثم وقفت على حديث صحيح صريح يُخصص ( المساجد ) المذكورة في الآية بالمساجد الثلاثة : المسجد الحرام ، والمسجد النبوي ، والمسجد الأقصى ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : ( لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) ( 52 ) .
وقد قال به من السلف فيما اطلعت حذيفة بن اليمان ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، إلا أنه لم يذكر المسجد الأقصى ، وقال غيرهم بالمسجد الجامع مطلقاً ، وخالف آخرون فقالوا : ولو في مسجد بيته .
ولا يخفى أن الأخذ بما وافق الحديث منها هو الذي ينبغي المصير إليه ، والله سبحانه وتعالى أعلم .
3- والسنة فيمن اعتكف أن يصوم كما تقدم عن عائشة رضي الله عنها ( 53 ) .
* ما يجوز للمعتكف :
1- ويجوز له الخروج منه لقضاء الحاجة ، وأن يخرج رأسه من المسجد لِيُـغْسَلَ ويُسَرَّح ، قالت عائشة رضي الله عنها :
( وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل علَيَّ رأسَه وهو ( معتكف ) في المسجد ، ( وأنا في حجرتي ) فأُرَجلُــهُ ، ( وفي رواية : فأغسله وإن بيني وبينه لعتبة الباب وأنا حائض ) ، وكان لا يدخل البيت
إلا لحاجة ( الإنسان ) ، إذا كان معتكفاً ) ( 54 ) .
2- ويجوز للمعتكف وغيره أن يتوضأ في المسجد لقول رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم : توضأ النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وضوءاً خفيفاً ( 55 ).
3- وله أن يتخذ خيمة صغيرة في مؤخرة المسجد يعتكف فيها ، لأن عائشة رضي الله عنها كانت تضرب للنبي صلى الله عليه وسلم خِـبَاءً ( 56 ) إذا اعتكف ، وكان ذلك بأمره صلى الله عليه وسلم ( 57 ).
* إباحة اعتكاف المرأة وزيارتها زوجها في المسجد :
4- ويجوز للمرأة أن تزور زوجها وهو في معتكفه ، وأن يودعها إلى باب المسجد لقول صفية رضي الله عنها : " كان النبي صلى الله عليه وسلم معتكفاً (في المسجد في العشر الأواخر من رمضان) فأتيته أزوره ليلاً ، (وعنده أزواجه ، فَرُحْنَ) ، فحدثتُـهُ (ساعة) ، ثم قمت لأنقلبَ ، (فقال : لا تعجلي حتى أنصرف معك) ، فقام معي ليقلبني ، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد (حتى إذا كان عند باب المسجد الذي عند باب أم سلمة) ، فمر رجلان من الأنصار ، فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( على رسْـلِكُما ؛ إنها صفية بنت حيي ، فقالا : سبحان الله ! يا رسول الله ! قال : إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم ، وإني خشيتُ أن يقذف في قلوبكما شراً ، أو قال : شيئاً ) ( 60 ).
بل يجوز لها أن تعتكف مع زوجها ، أو لوحدها لقول عائشة رضي الله عنها :
( اعتكفتْ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة مستحاضة (وفي رواية أنها أم سلمة) من أزواجه ، فكانت ترى الحمرة والصفرة ، فربما وضعنا الطَّسْت تحتها وهي تصلي) ( 61 ).
وقال أيضاً :
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله،ثم اعتكف أزواجه من بعده) ( 62 ).
قلت : وفيه دليل على جواز اعتكاف النساء أيضاً ، ولا شك أن ذلك مقيد بإذن أوليائهن بذلك ، وأمن الفتنة والخلوه مع الرجال ؛ للأدلة الكثيرة في ذلك ، والقاعدة الفقهية : درء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
5- ويبطله الجماع لقوله تعالى : ]ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد[.
وقال ابن عباس :
(إذا جامع المعتكف بطل اعتكافه ، وأستأنف) ( 63 ).
ولا كفارة عليه لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه .
وسبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .
( 6 ) : أي على ترك الجماعة في التراويح .
( 7 ) : أخرجه مسلم وغيره ، وعند البخاري منه المرفوع من قوله r ، وهو مخرج في "الإرواء" (4/14/906) وفي "صحيح أبي داود"
(1241) ، يسر الله لي إتمام تأليفه ثم طبعه . وقول الأخ زهير في تعليقه على رسالتي "صلاة العيدين" (ص32) وقد أعاد طبعها سنة 1404 هـ : (وقد يسر الله طبع الجزء الأول من "صحيح أبي داود" لأستاذنا الألباني) ( زهير ) فلا أدري والله وجهه ، فالجزء عندي ،
ولم آذَنْ لأحد بتصويره وطبعه ونشره . ونحوه ما ذكره في طبعته الرابعة لكتابي "التوسل" سنة 1403 هـ (ص22) أنه صدر المجلد الثالث من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" ، وهو إلى هذا التاريخ ( رجب ـ 1406 ) لم يصدر بعد !
( 8 ) : أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في "صحيحيهما" وغيرهما بسند صحيح ، انظر تعليقي على "ابن خزيمة" (3/340/2262) و"صحيح الترغيب" (1/419/993) .
( 9 ) أ خرجه الشيخان وغيرهما من حديث أبي هريرة ، وأحمد (5/318) من حديث عبادة بن الصامت ، والزيادة له ، ولمسلم عن أبي هريرة .
( تنبيه ) : كنت ذكرت في الطبعة الأولى في آخر الحديث زيادة أخرى بلفظ : " وما تأخر " اعتماداً مني على تصحيح المنذري والعسقلاني وغيرهما إياها ، ثم يسر الله تعالى لي تتبع طرق الحديث ورواياته عن أبي هريرة وعبادة تتبعاً مستفيضاً لم أراه لغيري فتبين لي أنها زيادة شادة عن أبي هريرة ، ومنكرة عن عبادة ، وأن من حسّن هذه وصحح تلك فقد وهم لوقوفه مع ظاهر رجال الإسناد وعدم تتبعه للروايات ، وقد حققت ذلك في بحث واسع جداً ، قد أودعته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" برقم (5083) ، ولذلك لم أذكر هذه الزيادة في حديث أبي هريرة لمَّـا أوردته في "صحيح الترغيب والترهيب" (982) ولا ذكرت معه حديث عبادة خلافاً لأصله "الترغيب" والله تعالى ولي التوفيق .
( 10 ) : أخرجه مسلم وغيره . وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (1247) .
( 11 ) : يعني ليلة سبع وعشرين ، وهي ليلة القدر على الأرجح كما سبق ، ولذلك جمع فيها النبي r أهله ونساءه ، ففيه استحباب حضور النساء هذه الليلة .
( 12 ) : حديث صحيح، أخرجه أصحاب السنن وغيرهم ، وهو مخرج في "صلاة التراويح" (ص16-17) و"صحيح أبي داود" (1245) و "الإرواء" (447) .
( 13 ) : انظر سياقه وتخريجه في "التراويح" (ص12-14) .
( 14 ) : انظر تخريجه وكلام ابن عبد البر وغيره عليه في المصدر السابق (ص49-52).
( 15 ) : أخرجه والذي قبله البيهقي (2/494) ، وأخرج الأول منهما عبد الرزاق أيضاً في "المصنف" (4/258/8722) ، وأخرجهما
ابن نصر أيضاً في "قيام رمضان" (ص93) ، ثم احتج بهما على ما ذكرنا (ص95) .
( 16 ) : أخرجه الشيخان وغيرهما ، وهو مخرج في "صلاة التراويح" (20-21) و "صحيح أبي داود" (1212) .
( 17 ) : قلت : منها ركعتا سنة العشاء البعدية أو الركعتان الخفيفتان اللتان كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاة الليل بهما، على ما رجحه الحافظ، أنظر "صلاة التراويح" (ص19-20) .
( 18 ) : رواه أبو داود وأحمد وغيرهما وهو حديث جيد الإسناد ، وصححه العراقي ، وهو مخرج في "صلاة التراويح" (ص98-99)
و "صحيح أبي داود" (1233) .
( 19 ) : رواه الطحاوي والحاكم وغيرهما وهو حديث صحيح الإسناد كما قال جماعة من الأئمة ، وله شاهد فيه زيادة منكرة ، كما بينته في "التراويح" (ص 99-100) .
( 20 ) : هذه الأحاديث كلها صحيحة مخرجة في "صفة الصلاة" (117-122) .
( 21 ) : رواه مالك بنحوه . انظر "صلاة التراويح" (ص52) .
( 22 ) : انظر تخريجه في المصدر السابق (ص71) ورواه عبد الرزاق أيضاً في "المصنف" (4/261/7731) والبيهقي (2/497) .
( 23 ) : هو بعض حديث رواه مسلم والنسائي وغيرهما ، وهو مخرج في "أحكام الجنائز" (ص18) و "الإرواء" (608) .
( 24 ) : أخرجه الشيخان واللفظ والزيادات لمسلم ، وهو مخرج في "الإرواء" (512) و "صحيح أبي داود" (759و760) .
( 25 ) : تسمى صلاة الليل كلها وتراً لأن عددها وتر ، أي : عدد فردي .
( 26 ) : حديث صحيح ، أخرجه أحمد وغيره عن أبي بصرة ، وهو مخرج في "الصحيحة" (108) و "الإرواء" (2/158) .
( 27 ) : أخرجه مسلم وغيره ، وهو مخرج في "الصحيحة" (2610) .
( 28 ) : أخرجه البخاري وغيره وهو مخرج في "التراويح" (ص48) .
( 29 ) : أخرجه عبد الرزاق (7741) وإسناده صحيح ، وقد أشار الإمام أحمد إلى هذا الأثر والذي قبله حين سُئل : يؤخر القيام - أي التراويح - إلى آخر الليل ؟ فقال : ( لا ، سنة المسلمين أحب إلي ) رواه أبو داود في "مسائله" (ص62) .
( 31 ) : فائدة هامة : قال ابن خزيمة في "صحيحة" (2/194) بعد أن ذكر حديث عائشة وغيره في بعض الكيفيات المذكورة : ( فجائز للمرء أن يصلي أي عدد أحب من الصلاة مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلاهن ، وعلى الصيغة التي رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلاها ، لا حظر على أحد في شيء منها ) .
قلت : وهذا بمفهومه موافق تمام الموافقة لِمَا اخترنا من التزام العدد الذي صح عنه صلى الله عليه وسلم وعدم الزيادة عليه ، فالحمد لله على توفيقه ، وأسأله المزيد من فضله .
( 32 ) : أخرجه الطحاوي والدارقطني وغيرهما . أنظر "التراويح" (99و110) .
( 33 ) : رواه النسائي وأحمد بسند صحيح .
( 34 ) : أخرجه أبو داود والنسائي وغيرهما بسند صحيح ، أنظر "صفة الصلاة" (ص95و96 ط 7) .
( 35 ) : وانظر تعليقي على "فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم " (ص33) ، و "تلخيص صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " (ص45) .
( 36 ) : أي : نسرع .
( 37 ) : رواه ابن خزيمة في "صحيحه" (2/155-156/1100) .
( 38 ) : صحيح أبي داود (1282) و "الإرواء" (430) .
( 39 ) : "صحيح أبي داود" (1284) .
( 40 ) : رواه مسلم وغير أنظر "التراويح" (ص108-109) .
( 41 ) : رواه ابن خزيمة في "صحيحه" والدارمي وغيرهما ، وهو مخرج في "الصحيحة" وقد كنت متوقفاً في هاتين الركعتين بُرْهةً مديدة من الزمن ، فما وقفت على هذا الأمر النبوي الكريم بادرت إلى الأخذ به ، وعلمت أن قوله صلى الله عليه وسلم : " اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً " إنما هو للتخيير لا للإيجاب ، وهو قول ابن نصر (130) .
( 42 ) : أخرجه ابن خزيمة (1104،1105) من حديث عائشة وأنس رضي الله عنهما بإسنادين يقوي أحدهما الآخر ، وأنظر "صفة الصلاة" (ص124) .
( 43 ) : كان هنا في الطبعة السابقة حديث في فضل " من اعتكف يوماً . . " فحذفته ؛ لأنه تبين لي ضعفه ، بعد أن خرجته وتكلمت عليه بتفصيل في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (5347) ، فكشفت فيه عن علته التي كانت خفيت علي ، وعلى الهيثمي قبلي !
( 44 ) : هو قطعة من حديث لعائشة ، رواه الشيخان وابن خزيمة في "صحاحهم" ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2127) .
( 45 ) : رواه الشيخان وابن خزيمة ، والزيادة للبخاري في رواية كما في "مختصره" (995) ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" أيضاً
(2136-2137) .
( 46 ) : رواه البخاري وابن خزيمة في "صحيحيهما" ، وهو مخرج في المصدر السابق (2126-2130) .
( 47 ) : رواه الشيخان وابن خزيمة (2223) ، وهو مخرج في "الإرواء" (966) و "صحيح أبي داود" (2125) .
( 48 ) : أي لا تجامعوهن . قال ابن عباس : المباشرة والملامسة والمس جماع كله ، ولكن الله عز وجل يكني ما شاء بما شاء . رواه البيهقي (4/321) بسند رجاله ثقات .
( 49 ) : ( البقرة : 187 ) ، قد استدل الإمام البخاري على ما ذكرناه بهذه الآية . قال الحافظ : ( ووجه الدلالة من الآية أنه لو صح في غير المسجد لم يخص تحريم المباشرة به ، لأن الجماع مناف للاعتكاف بالإجماع ، فعلم من ذكر المساجد أن المراد أن الاعتكاف لا يكون إلا في فيها ) .
( 50 ) : رواه البيهقي بسند صحيح ، وأبو داود بسند حسن ، والراوية الآتية عن عائشة له ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2135) و "الإرواء" (966) .
( 51 ) : روى البيهقي عن ابن عباس قال : إن أبغض الأمور إلى الله البدع ، وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور .
( 52 ) : أخرجه الطحاوي والإسماعيلي والبيهقي بإسناد صحيح عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه ، وهو مخرج في "الصحيحة" (رقم 2786) ، مع الآثار الموافقة له مما ذكرنا أعلاه ، وكلها صحيحة .
( 53 ) : رواه البيهقي بسند صحيح ، وأبو داود بسند حسن ، وقال الإمام ابن القيم في "زاد المعاد" : ( ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف مفطراً ، بل قد قالت عائشة : لا اعتكاف إلا بصوم ، ولم يذكر سبحانه الاعتكاف إلا مع الصوم ، ولا فعله صلى الله عليه وسلم إلا مع الصوم ، فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف أن الصوم شرط في الاعتكاف وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية ) .
قلت : ويترتب عليه أنه لا يشرع لمن قصد المسجد للصلاة أو غيرهما أن ينوي الاعتكاف مدة لبثه فيه ، وهو ما صرح به شيخ الإسلام في "الاختيارات" .
( 54 ) : رواه الشيخان ، وابن ابي شيبة ، وأحمد ، والزيادة الأولى لهما ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2131-2132) .
( 55 ) : رواه البيهقي بسند جيد ، وأحمد (5/364) مختصراً بسند صحيح .
( 56 ) : الخِـباء أحد بيوت العرب من وَبَرٍ أو صوف ولا يكون من شعَر ، ويكون على عمودين أو ثلاثة . "نهاية" .
( 57 ) : رواه الشيخان من حديث عائشة ، وفعلها للبخاري ، والأمر لمسلم ، وتقدم تخريجه (ص34) التعليق (2) .
( 58 ) : أي قبة صغيرة .
والسّدة كالظـلّة على الباب لتقي الباب من المطر ، والمراد أنه وضع قطعة حصير على سدتها لئلا يقع فيها نظرُ أحد كما قال السندي ، وأوْلى أن يقال : لكي لا ينشغل بالُ المعتكف بمن قد يمر أمامه تحصيلاً لمقصود الاعتكاف وروحِه ، كما قال الإمام ابن القيم : ( عكس ما يفعله الجهال من اتخاذ المُـعْـتَـكَـفِ موضعَ عِشْرةٍ ومجلبة الزائرين وأخذهم بأطراف الأحاديث بينهم ، فهذا لون ، والاعتكاف النبوي لون ، والله الموفق ) .
( 59 ) : هو طرف من حديث لأبي سعيد الخدري ، رواه مسلم وابن خزيمة في "صحيحيهما" وهو مخرج في "صحيح أبي داود"(1251).
( 60 ) : أخرجه الشيخان ، وأبو داود ، والزيادة الأخيرة له ، وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2133و2134) .
( 61 ) : رواه البخاري وهو مخرج في "صحيح أبي داود" (2138) ، والرواية الأخرى لسعيد بن منصور كما في "الفتح" (4/281) لكن سماها الدارمي (1/22) : ( زينب ) . والله أعلم .
( 62 ) : أخرجه الشيخان وغيرهما ، وسبق تخريجه (ص35) التعليق رقم (2) .
( 63 ) : رواه ابن أبي شيبة (3/92) وعبد الرزاق (4/363) بسند صحيح . والمراد من قوله : ( استأنف ) أي أعاد اعتكافه ) .
إرسال تعليق