آخر المقالات

فيديو

ويكيبيــديا

مواقيت الصلاة

السياحة الجنسية في المغرب


السياحة الجنسية في المغرب


للمغرب مؤهلات سياحية هائلة يمكن أن تجعل منه قوة تنافسية في الميدان السياحي على الصعيد الإقليمي والجهوي والدولي، وتتمثل هذه المؤهلات في التراث والثقافة والطبيعة والمجتمع. وحينما نتكلم عن السياحة، فإننا لا نقصد فقط السياحة الأجنبية، بل نقصد أيضا السياحة الداخلية الموجهة للمواطن متوسط الدخل، كما نقصد السياحة التي لا تفكر فقط في "العملة الصعبة" بأي ثمن كان، ولو كان ذلك على حساب تدمير النسيج الأخلاقي والاجتماعي... واقع السياحة في المغرب يقول عكس هذا. والحقائق التي ننشرها في هذا المقال المترجم عن مجلة " PARADE " تكشف عن المخاطر التي تتهدد ذلك النسيج من خلال تغاضي السلطات عن نمط مشبوه من السياحة، أي السياحة الجنسية، مما أسهم في نشوء شبكات الدعارة والمتاجرة في القاصرين والقاصرات.. شبكات تستغل واقع الجهل والفقر عند شرائح مهمة من المجتمع المغربي ...

هل أصبح المغرب قبلة للسياحة الجنسية ؟
مع كل أسف، فإن مختلف تقارير المنظمات الدولية التي تحارب السياحة الجنسية ـ بما فيها منظمة WTO "المنظمة الدولية للسياحة" ـ تدعو إلى الاعتقاد بذلك ....
هذه التقارير تعرّف المغرب كمقصد أكثر فأكثر شهرة. وهناك مؤشرات عديدة أخذت في عين المكان تنحو إلى تأكيد هذا المعطى المؤسف.
في أغادير اعترضتنا هذه الظاهرة المؤدية إلى أبعاد مقلقة وإن كانت تبدو في طابع الاعتياد المبتذل الذي يكسبها مظهرياً صفة الشيء العادي، وهو في الحقيقة مظهر كاذب.
لماذا أغادير؟ ليس الأمر لأسباب خاصة بهذه المدينة أو بسبب بعض الأحكام المسبقة التي قد تدعو إلى الاعتقاد بأنها المعنية الرئيسية بهذه الظاهرة على المستوى الوطني، بل على العكس من ذلك. فإن السبب هو أن هذه الفترة من السنة تتزامن مع ارتفاع في إقبال السياح على هذه المدينة، وبهذا فإنها تمثل مجسما مصغراً لتحليل وقياس مدى تغلغل هذه الممارسة في المغرب ، ومعرفة أسبابها وتداعياتها.

طنجة : وكر دعارة الأطفال
إن تنقل الأشخاص والبضائع والأفكار أصبح أمرا ميسراً في زماننا، غير أن هذا التنقل ليس خاليا من الأخطار، إذ يحمل معه أحيانا أمواجا من الأشخاص الذين لا تجتذبهم أغراض ذات اعتبارات سياحية محضة أو لتغير الأجواء الجغرافية أو المناخية، ولكن تحركهم نزوات وغرائز شهوانية. إن سياحة المجموعات تصبّ في الدول المختلفة أمواجا من الزوار، ومن بين هؤلاء الزوار يوجد ختالون يستفيدون من البؤس ومن الانعدام الظاهر لعقوبة التجارة بالجنس التي تعيث في هذه الدول، إن السياحة الجنسية مرتبطة في أذهان الكثير من الناس بدعارة الأطفال فقط ، وهذه نظرة قاصرة لأنها لا تتعرض لمظاهر أخرى يمكن إدراجها ضمن هذا النوع من السياحة. ونقصد دعارة الكبار والمراهقين، وإن كان هذا المشكل لم يصل بعد في المغرب إلى مستويات كارثية مثل تلك التي وصل إليها في تايلاند أو سريلانكا أو الفليبين، ولكن المغرب ينحو تدريجيا في هذا الاتجاه ليصبح محطة أكثر فأكثر لا محيد عنها في مدار السياحة الجنسية العالمية. فطنجة معروفة عبر العالم على أنها مرتع المتعاطين لدعارة الأطفال الذين يأتون خصيصا للاعتداء جنسيا على أطفال الشوارع.
ففي كتابه "الدرجة الصفر للكتابة" يصف الناقد الأدبي الفرنسي "رولان بارت" ، الذي سبق له أن اشتغل بالمغرب، بعض مغامراته الداعرة مع الأطفال التي مارسها في طنجة. أما كتاب "الرجال الذين يبيعون الجنس"، فهو يتطرق إلى مسائل متعلقة بالرجال الذين يتاجرون في الجنس عبر العالم، وخصّ المغرب بفقرة كاملة.

السياحة في أغادير ودعارة الأطفال
إنها استغلال الأطفال لأغراض جنسية، وهي ممارسة منتشرة في كثير من مناطق العالم وهي الإغراء الرئيسي الذي يجلب عددا كبيرا من سياح الجنس، وهي منظمة في العديد من الدول من طرف شبكات مافيوية جعلت منها صناعة حقيقية. أما فيما يخص المغرب فلا تزال هذه الممارسة لم تكتس بعد طابعاً مؤسساتياً محضاً، إلا أن هناك عددا متزايداً من الوسطاء والوسيطات الذين يعملون في هذا المضمار، نظرا لتزايد الطلب، ولم يعودوا يستنكفون من إدراج الأطفال، وخصوصا البنات القاصرات، ضمن لوائح مومساتهم.
ويتم هذا النمط من الدعارة في أغادير بشكل مهيكل، نظرا للكثافة العددية للأطفال المشردين، مما يوفر لممارسي دعارة الأطفال مجالا واسعا للاختيار. أما المتعاطون لهذا النوع من الدعارة فهم على وجه الخصوص مغاربة، والضحايا هم في غالبهم أطفال الشوارع أو ماسحو الأحذية الذين يتسكعون في الطرقات. وفي غالب الأحيان يتقرب منهم سياح أوروبيون على الخصوص، على مرأى ومسمع من كل الملأ ويساومونهم لنيل متعة هذا اللحم الطري والرخيص. يقول مدير إحدى جمعيات حماية الطفولة: «إننا نسير في خط مستقيم نحو وضعية شبيهة بوضعية البرازيل، فليس هناك طفل واحد يقضي ليلة واحدة في الشارع دون أن يتم اغتصابه»، ويضيف قائلا: «لقد رأيت بأم عيني أوروبيين يشترطون رؤية البضاعة قبل إبرام الاتفاق». وهناك في أغادير ساكنة من المتعاطين الغربيين للدعارة مع الأطفال المارّين فقط بالمدينة كما أن هناك من استقر منهم بالمدينة منذ مدة طويلة. وهؤلاء الرواد المعروفون لدى الجميع يتجمعون في مقهى بجانب حديقة الزهور الموجودة في وسط المدينة، ويقيمون في إقامات مجاورة يستقبلون فيها أصدقاء لهم يفدون عليها وأغلبهم يتعاطون لدعارة الأطفال، ويستفيدون من وجودهم بنقطة العبور هذه، وكذا من علاقات مضيفيهم، للانغماس في ممارسة رذائلهم.

دعارة المراهقين والراشدين
تشكل دعارة الراشدين الجزء الأكبر لسوق السياحة الجنسية، وتنتشر في شكل شذوذ جنسي (أي ممارسات جنسمثلية) أو في شكل ممارسات جنسية مع الجنس الآخر (النساء)، فالدعارة الجنسمثلية يقبل عليها الغربيون بشكل خاص، حيث إن نقطة تجمعهم هي شارع الحسن الثاني بأغادير. أما البنات فيمارسن على الخصوص في علب الليل والكباريهات دون حساب المومسات العابرات، حيث تعد أغادير مرتعاً لحوالي ألف بنت من اللواتي قدمن من مدن أخرى واللواتي تعتبر تجارة الجنس مصدر عيشهن الوحيد. وتعمل الكثيرات منهن مع زبائن مغاربة، بينما " تخصّصت بعضهن في العمل مع زبائن غربيين، أما الأغلبية فيمارسن مع رعايا من دول الخليج"، كما صرح بذلك سائق سيارة أجرة.
وللتأكد من هذه الحقيقة المؤسفة يكفي القيام بزيارة ليلية بسيطة لمراتع "المتعة"، وهكذا فأمام مدخل أحد فنادق خمس نجوم، وإن كان لا يستحق هذه الدرجة لأن اسمه يوحي بالقفر، قال لنا أحد العمال: «ها أنتم ترون لم يعد هناك إلا الأكباش (الحوالة)»، وهو يعني أشخاصا شرق أوسطيين جالسين في البهو معهم رفقة لطيفة، وهن على الخصوص مراهقات في سن البلوغ تبدو بعضهن في سن الطفولة. يقول نفس العامل: " بمجرد ما تتجاوز بنت ما العشرين من عمرها تأخذ حظوظها في اهتمام هؤلاء الناس في الانخفاض". ويبرر متحدثنا سماحهم لهذا العمل المشين بقوله: «ونظرا للمداخيل الهزيلة فإننا نضطر للسماح بذلك أو أن نغض الطرف عنه»، و لتفادي الوقوع في حملات الشرطة، فإن هذا البواب ينصح بأداء ثمن غرفتين عوض غرفة واحدة. ولكن الفنادق ليست إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد، إذ أن المرتع الرئيسي لهذه الممارسات القذرة منذ زمن طويل هو الحي المسمى زورا بحي "الشرف".

الماخور الكبير
إن حيّ الشرف بأغادير يحمل إسماً على غير مسمى، فهذا الحي الذي بني في الثمانينيات من طرف شركة ERAC هو مركب سكني من فيلات جميلة تتصاعد منها روائح الجنس في هذا العالم الذي توزن فيه قيمة الكائن البشري من خلال طول فخذيه، وتوزن كرامته بالكيلوات وتؤدى بالدولار. هذا الحي هو منطقة نفوذ الوسطاء والوسيطات؛ فهم هنالك الآمر والناهي. إنه في الواقع مرتع خاص بالانحلال والفجور، يقول رب عائلة اضطر للمكوث هنا: «العائلات المحترمة هاجرت منذ زمن هذا الحي القذر، والذين مكثوا يعيشون في مهانة العار» ويضيف: «في سنة 1993 وكذلك في 1994 وجهنا رسالة استنكار إلى السلطات ومعها عريضة موقعة من طرف 1500 من السكان، وقد أجابنا موظف سام بأن لديهم تعليمات بعدم التدخل». بعض سكان هذا الحي يتساءلون حول سلبية السلطات، وآخرون يتهمونها صراحة بالرشوة، فهناك المسماة عائشة، وهي قوادة مشهورة، لها مداخلها لدى الشخصيات الأكثر نفوذاً في المدينة؛ تمارس عملها في هذا الحي بدون خوف أو عقاب، ولا تنافسها إلا وسيطة أخرى زوجة أحد أصحاب الدرجات العليا، وهما معا تديران دوراً تكريانها عن طريق أتباع مثل "مبارك" وهو رجل في مقتبل العمر صرح لنا بكل ثقة: «يمكن هنا أن تذبح وتفصل الجثة إلى أطراف ولا أحد يمكن أن يزعجك في عملك، فرجال الشرطة كلهم تم شراؤهم». بالإضافة إلى عمله، فإن "مبارك" هذا يتكفل بجلب كل ما يحتاجه الزبون: شراب، بنات، وحشيش، حيث يكفي دفع الثمن. وهذه البيوت المفروشة يتم كراؤها بما بين 200 إلى 500 درهم لليلة خارج الموسم؛ أما في عز الموسم (أي الصيف) فيتراوح ثمن الكراء مابين 800 إلى 2000 درهم لليلة. ويمكن كذلك تدبر كراء ساعة أو ساعتين.
"
لقد اكتسب حي الشرف شهرته الدولية وخصوصا العربية، فالحجز يتم الآن بالفاكس"، حسب قول أحد التجار في سوق حي الشرف.

التورطات
تعتبر العديد من الحكومات السياحة الدولية كأحد أشكال التنمية الاقتصادية، ويعتبر الأهالي الاندماج في هذا العمل كوسيلة للالتقاء مع العالم الغني، وعليه فإن هؤلاء الأهالي يهاجرون نحو المناطق السياحية. وهم يأملون في الحصول على أكبر الفرص في الشغل وفي تيسير حياتهم. وعلى المستوى الرسمي يتوجه قطاع السياحة بالضرورة إلى تشغيل مواطنين شباب يبذلون الكثير من طاقاتهم وجهودهم، كما يكونون عادة على مستوى معين من التعليم. أما الأطفال والنساء الذين لا يتوفرون على هذا المستوى من التعليم فهم مضطرون للعمل في القطاع غير الرسمي ويجدون أنفسهم يمارسون مهناً من نوع : مرشد سياحي، بائع ورود، ماسح أحذية.. ومع الأسف فأن القطاع غير الرسمي في البلدان السائرة في طريق النمو ملتصق دائما بتجارة الجنس. والسياحة الجنسية ترتكز بالضبط على شبكات غير رسمية تقدم خدماتها كالمرشدين السياحيين غير المرخص لهم، والشيالين، والسائقين، وخادمات البيوت، والحراس، والعاهرات. وهذه المهن التي لا تتطلب إلا حضور الجسد لا تجتذب إلا أولئك الذين ليس لهم ما يقدمونه إلا أجسادهم، والذين هم معوزون مادياً، وفي هذا الاتجاه فإن المراهقين المنحدرين من أوساط فقيرة، والذين يفتنهم التبذير وسهولة الإنفاق عند السواح الأجانب يختارون عموما الدعارة، لأنها خيار يخلصهم من الوقوع في الجريمة ومن الأعمال الجسدية المرهقة. وبعض هؤلاء المراهقين يعتبرون هذا النوع من التلاقي مع السياح مثل أمل في الهجرة إلى الخارج.

تأثيرات
بالإضافة إلى الزلزال الذي تحدثه في البنيات الأسرية، فإن هذه الظاهرة، تسبب اضطرابا لكل البنيات الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة. وهكذا، من وجهة نظر اجتماعية، فقد أخذت المنطقة تشهد تزايداً في الزيجات الفاشلة، وفي جنوح المراهقين، يقول أحد رجال الشرطة: «كل من هربت ابنته من البيت يأتي للبحث عنها في أغادير». هذه الظاهرة تهدد الحركة السياحية في المنطقة لأنها تنشر اقتصادا ظرفياً عابراً يعتمد على ساكنة من السياح الجنسيين متنقلين يبعدون السياح الحقيقيين عن المنطقة ويفسدون النسيج الاقتصادي للمنطقة بأكملها. وبالفعل فالعديد من الفنادق في أغادير توقف نموها وتحولت إلى فنادق عبور، كل شيء فيها مهمل ومرتجل باستثناء رغبات هؤلاء الزبائن الخاصين.
إن أغادير مدينة اعتمدت أكثر من اللازم على السياحة دون أن تعرف كيف تنميها. فوسائل مثل الطقس والفلكلور والصناعة التقليدية لم تعد كافية لجلب واستبقاء السياح الحقيقيين وبالتالي ملء الفنادق وتنشيط اقتصاديات المنطقة.
وعليه، فإن أصحاب الفنادق أصبحوا يغضون الطرف عن ممارسات مثل الدعارة التي هي أكثر استهواء وجذبا لنوع معين من السياح.

وماذا عن السيدا ( الأيدز ) ؟
حسب "جمعية محاربة السيدا" (A.L.C.S) فإن عاصمة سوس تتوفر على الرقم القياسي في عدد حالات السيدا نسبة إلى عدد السكان، وبالفعل فإن أغادير بحالاتها الـ 148، رغم عدد سكانها الأقل بكثير تحتل الصف الثاني وراء الدار البيضاء، يقول مصطفى الحالي المدير الإقليمي "لجمعية محاربة السيدا" بأغادير: «من ضمن 140 تحليل وجدنا 15 حالة سيدا، غير أن هذه الأرقام لا تعبر إطلاقا عن حقيقة تضخم الداء وانتشاره»، ويضيف قائلا: «أغلب الذين يطلبون إجراء فحص عليهم يأتون بالاعتقاد أنهم سليمين ، وأما الذين يعرفون أنهم مهددون ، وخصوصا الأوساط المعرضة للخطر فلا يلجأون إلينا إلا لماماً».
وحسب متحدثنا فإن هذه الأوساط المعرضة للخطر والتي تتمثل في المومسات المداومات أو الشاذين جنسياً يحتمل أن يكونوا مصابين بالسيدا بنسبة 70% . وقد أثار بالخصوص حالة العاملات الموسميات اللواتي يعملن في صناعات الصيد والفلاحة. واللواتي لا يستطعن العيش خلال فترات التوقف عن العمل إلا عن طريق الدعارة، ومن جهة أخرى وعلى عكس ما هو معتقد فإن السياح ـ على الأقل الغربيون ـ ليسوا مسؤولين عن انتشار الوباء. يقول السيد مصطفى الحالي: "إن السيدا هي قضية مغربية ـ مغربية، فالسياح الأجانب الذين يمارسون مع مومسات محليات يحمون أنفسهم"، ويصرّ على التأكيد على أن الأمر يختلف لدى الشرق أوسطيين الذين لا يأخذون أي احتياط. ويقول كذلك: "طريقة انتقال المرض الأكثر انتشارا هو الدعارة العادية بين رجل وامرأة".
وقاية
إن السياحة الجنسية في المغرب، وإن بقيت أمراً غير ظاهر، أو أن حجمها لم يبلغ الدرجة التي عليها تايلاند، فإننا لا يمكننا أن نحول أنظارنا عن هذا الوباء الذي يمكن أن ينهش البلد من الداخل تحت ذريعة كونها مصدراً للعملة الصعبة وكونها توفر أجورا إضافية للمسؤولين المحليين عندنا، يجب اتخاذ تدابير عاجلة لإيقاف هذا الشر، ويجب على السلطات أن تتعاون مع الجمعيات غير الحكومية والهيئات الدولية لمحاربة السياحة الجنسية بإحصاء وجدولة وإيقاف المذنبين على المستوى الوطني والدولي، كما يجب على بلادنا أن تنظم وتشارك في حملات توجيهية وإعلامية مثل تلك التي تنظمها Epac - international والوكالة الدولية لمحاربة استغلال الأطفال ؛ هذه الحملة المنظمة، بمساهمة 83 دولة، تتمثل في البث الإذاعي والتلفزيوني في اتجاه الأوساط المعرضة للخطر لخطابات بسيطة من نوع: كل شخص متورط في اعتداء جنسي على طفل سوف يتعرض للمتابعة في مكان الجريمة أو في بلده الأصلي.
إن هذه الظاهرة التي تنمو في ظل سلبية السلطات تستفيد في ذلك من سياسة النعامة المتبعة من طرف السلطات القضائية والشرطة.
إن الدول التي تركت هذا المشكل ينمو انتهى بها الأمر إلى انهيار عام قضى نهائياً على بنياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وحسب مصادرنا فإن المنظمة الدولية للسياحة (WTO) كانت قد وجهت رسالة تحذر فيها السلطات المغربية من خطورة ظاهرة السياحة الجنسية فيها ، ولم تتلق هذه المنظمة إلا جواباً سلبيا متخشباً، وبموازاة مع ذلك فإن السلطات التونسية والمصرية التي تلقت رسالة مماثلة أجابت بكثير من القابلية للتعاون.

العواقب الوخيمة للظاهرة
في الوقت الذي يتم فيه التطرق إلى أوضاع المغرب في العديد من تقارير البنك الدولي، واليونيسكو، والباحثين الاجتماعيين والانتربولوجيين، تبقى السياحة الجنسية أمرا خفيا في وسائل الإعلام. ومن بين الأسباب الأساسية التي تقف وراء هذا الإخفاء هناك قيم المجتمع، وكذلك عدم التبليغ و فضح سياح من بلاد عربية وإسلامية شقيقة، وكذلك تواطؤ السلطات المحلية بسكوتها.
إن عواقب السياحة الجنسية معروفة ويزداد تكريسها بقوة يوما عن يوم.
وحول هذه الآفة الخفية تنسج شبكة من المتاجرين في كل أنواع البضائع والخدمات، (ماسحو الأحذية، بائعو الورود، المستخدمون الجوالون، سماسرة كل المواد التي يتم إيصالها إلى البيوت، كراء البيوت بطريقة سرية..)، كل هؤلاء يشاركون، إما بشكل دائم أو في أوقات متقطعة، في تنمية هذا القطاع. ومن جهة أخرى، فبالسماح بنموّ هذه الممارسات، فإن أغادير تفقد حظوظها في أن تتطور إلى مدينة سياحية حقيقية، يكون المجال المرصود لسياحتها هو تقديم خدمات ومواد ذات قيمة مضافة.
إن المدينة أخذت تفقد جاذبيتها الحقيقية وأصبح المقاولون والمنعشون السياحيون يتخوفون من مناخ وبيئة كهذه. كما أن السكان المحليين أصبحوا أكثر فأكثر مذهولين ومصعوقين من سلبية السلطات أمام البلبلة والهرج الذي تحدثه دعارة الكبار ودعارة الأطفال على حد سواء، ومن حشود السياح الذين لا يأتون إلى المدينة إلا بغية أن يناموا نهاراً وينشطوا ليلاً. صحيح أن هؤلاء السياح يوفرون لقمة العيش لسائقي التاكسيات وللفنادق التي تسمح بجلبة مشبوهة وظاهرة، ولكنهم لا يساهمون بشيء في تنمية قطاع السياحة.
وبطبيعة الحال فإن الأمراض المتنقلة جنسياً هي مرافق لا تنفصل عن هذه الأنشطة الجنسية، وأرقام "الجمعية المغربية لمحاربة السيدا" بأغادير فيها ما يدعو إلى استنفار ليس فقط السلطات، ولكن ضمير البلاد بأكملها.
إن المولعين بممارسة هذا النوع من السياحة يجهلون أو يتجاهلون تماما وسائل الحماية من الأمراض المتنقلة جنسياً.
ومع السرعة التي تنتشر بها السيدا، لم تعد المسألة إلا مسألة وقت حتى تبدأ منطقة سوس ماسة تفقد أطفالها بأعداد ضخمة جدا، مما يدعو إلى ضرورة قيام انتفاضة عامة على هذا النشاط المخزي، ليس فقط من لدن السلطات، ولكن كذلك من لدن الساكنة المحلية السليمة والسوية.

الخراب الذي سببته السياحة الجنسية
تعد بلدان المغرب وتونس ومصر، أوكارا بالنسبة لسياحة الشذوذ الجنسي بالأساس، أما جزر الكاريبي، والبرازيل، ومدغشقر، وفيتنام، وكمبوديا، وتايلاند، وبرمانيا، وبالي، فهي مخافر بالنسبة لكل الأنواع، وانضافت إليها مؤخراً كوستاريكا، هذا دون حساب الجمهوريات الجديدة في شرق أوروبا حيث الجو أقل حرارة ولكن مع ذلك فإن قابلية المراهقين والأطفال الذين يعيشون في أزقة "سان بيترسبورغ" و"بوخارست" و"فرصوفيا" تأخذ أبعاداً منذرة بالخطر، ويمكن مضاعفة الأمثلة إلى ما لا نهاية.
وفي كل الحالات هناك الفقر المدقع للساكنة التي تستغلها السياحة الجنسية، ويستغلها هؤلاء المسافرون الذين لديهم جيوب ملأى بالدولارات، ولكن بأخلاق ذات جغرافيا متقلبة.

إرسال تعليق

 
2009-2017 © جميع الحقوق محفوظة مدونة ادريس بنعمر
Powered by - DB Development Driss Benomar